رواية رحلة الشتاء والصيف: الحلقة التانية - بني ملال
لست فارا من وطيس حرب قذرة..ولكن يبدو كذلك ،كنت في غاية التعب وأنا أجوب شوارع بني ملال،ذهبت أسأل عن خال فلم أجده ،وقفلت عائدا،كان ذهني يئز من الشتات أومأت لسيارة أجرة بالوقوف،وارتميت قرب السائق ،قلت بصوت فقد لهجته الآمرة إلى العين استرخيت في المقعد؛وأنا أجاهد في التنفس ..كنت كالمحموم أو المسحور سواء وما أن نزلت من السيارة حتى اجتاحتني برودة منعشة أفقت من ذهول لا أدري إن طال أم قصر ،وسرت بتؤدة عبر الممرات والناس يلغطون،يختلط صراخهم وهدير الشلال البارد الذي لا يبخل على الناس برذاذه المنعش و لطف برودته...وضعت أحزاني جانبا ؛ورحت أتأمل و أنا أرتقي كرسيا أسمنتيا شلال الماء ..ماء عازم على المضي قدما من تخوم المدينة حتى أخمصيها ؛نحو غايته القصوى..
واستغرقني التأمل للحظات ،فإذا بي أصحو على صوت أم وابنتها تستأذنان في الجلوس.. كانت شفتاي مطبقتين بالكاد أكاد أفتح فمي لا أدري إن كان ذلك من فرط التعب أم برد هذا المساء؛الذي تنتعش فيه عين أسردون و زائريها ..تجاذبت أطراف الحديث مع الجارتين بلغة قوم عيسى غادرتا المكان بعد توديعي، ربما أحسست بالوحدة أو هكذا خيل إلي ..قمت بدوري و مشيت حرا وحيدا في الحدائق..وبينما أنتظر سيارة أجرة للعودة لمحت الأم تمتطي سيارة وابنتها..قلت لما لا أطلب منهما إيصالي إلى الفندق..ولم تبديا مانعا فسحت لي الأم المقعد الأمامي قرب طفلتها،أسرة تعيش ببلاد ديغول...استقبلتنا أضواء المدينة الكاشفة، طلبت من السائقة الوقوف و ترجلت من مقعد وثير، شكرتهما على حسن صنيعهما، ثم غابت السيارة في الزحام. حجزت غرفة بالفندق،وخرجت لتناول العشاء،عدت والشارع الملالي بدأ يستعيد هدوءه؛بعدما أخذت جحافل الآدميين تأوي إلى أوكارها..تجردت من ملابسي، أخرجت القلم والأوراق، وبدأت أستعيد شريط يوم كامل..في فندق الفتح تمنيت لو كنت معي..في فندق الفتح، سأفتح خريطة الوطن لأرسم طريق الرحيل لما تبقى من الأيام...
ذ الحسين العمراني
بني ملال في : 2/8/1996
لست فارا من وطيس حرب قذرة..ولكن يبدو كذلك ،كنت في غاية التعب وأنا أجوب شوارع بني ملال،ذهبت أسأل عن خال فلم أجده ،وقفلت عائدا،كان ذهني يئز من الشتات أومأت لسيارة أجرة بالوقوف،وارتميت قرب السائق ،قلت بصوت فقد لهجته الآمرة إلى العين استرخيت في المقعد؛وأنا أجاهد في التنفس ..كنت كالمحموم أو المسحور سواء وما أن نزلت من السيارة حتى اجتاحتني برودة منعشة أفقت من ذهول لا أدري إن طال أم قصر ،وسرت بتؤدة عبر الممرات والناس يلغطون،يختلط صراخهم وهدير الشلال البارد الذي لا يبخل على الناس برذاذه المنعش و لطف برودته...وضعت أحزاني جانبا ؛ورحت أتأمل و أنا أرتقي كرسيا أسمنتيا شلال الماء ..ماء عازم على المضي قدما من تخوم المدينة حتى أخمصيها ؛نحو غايته القصوى..
واستغرقني التأمل للحظات ،فإذا بي أصحو على صوت أم وابنتها تستأذنان في الجلوس.. كانت شفتاي مطبقتين بالكاد أكاد أفتح فمي لا أدري إن كان ذلك من فرط التعب أم برد هذا المساء؛الذي تنتعش فيه عين أسردون و زائريها ..تجاذبت أطراف الحديث مع الجارتين بلغة قوم عيسى غادرتا المكان بعد توديعي، ربما أحسست بالوحدة أو هكذا خيل إلي ..قمت بدوري و مشيت حرا وحيدا في الحدائق..وبينما أنتظر سيارة أجرة للعودة لمحت الأم تمتطي سيارة وابنتها..قلت لما لا أطلب منهما إيصالي إلى الفندق..ولم تبديا مانعا فسحت لي الأم المقعد الأمامي قرب طفلتها،أسرة تعيش ببلاد ديغول...استقبلتنا أضواء المدينة الكاشفة، طلبت من السائقة الوقوف و ترجلت من مقعد وثير، شكرتهما على حسن صنيعهما، ثم غابت السيارة في الزحام. حجزت غرفة بالفندق،وخرجت لتناول العشاء،عدت والشارع الملالي بدأ يستعيد هدوءه؛بعدما أخذت جحافل الآدميين تأوي إلى أوكارها..تجردت من ملابسي، أخرجت القلم والأوراق، وبدأت أستعيد شريط يوم كامل..في فندق الفتح تمنيت لو كنت معي..في فندق الفتح، سأفتح خريطة الوطن لأرسم طريق الرحيل لما تبقى من الأيام...
ذ الحسين العمراني
بني ملال في : 2/8/1996